جهز جيشه وز اتخذ طريقه الى قصر الملكة ليستولي على العرش هانئا مطمئنا
الى كونها معركة سهلة ..وهكدا بدات الصورة قاتمة و ليس هناك من مخرج للملكة الشابة ..
و حتى هؤلاء الذين اقسموا لابيها بالولاء اصبح يملاهم الذعر من انتقام عمر فينكثون عهودهم السابقة ...
و يسارعون لنيل رضا الامير
بتخليهم عنها و اعلان طاعتهم له
و ليس لها من جيش يتصدى لزحف جيش الامير عمر وقد انضمت اليه جميع جيوش الامراء
فماذا فعلت هذه الملكة ؟
كان لابد لها ان تنتصر
ان فكرة التخلي عن العرش ..فكرة مستحيلة و في نفس الوقت
فان جميع الظروف من حولها تدفعها للهزيمة
و الواقع انها في هذه اللحظة ...كانت مجرد امراة وحيدة لكن بلقيس لم تنهزم تماما
فقد وضعت خطة لاستعادة ملكها
خطة تضمن بها النصر و العرش و المجد ..
خطة تعتمد اولا و اخيرا عليها وحدها ..على مقدرتها و دهائها و قوتها و شجاعتها
فلقد رات بلقيس ان تهدي عدوها نصرا سهلا
و هكذا مهدت له الطريق الى العرش و وضعت تاج الملك في متناول يده
بل لقد فرشت له الارض و زينتها بالاكاليل و جهزت القصر الملكي لاستقباله بالزينلت و العطور
و كانها تقول له رجاء .. تفضل تاج الملك ...اما هي فقد هربت من القصر قبل وصوله
و اختفت عن الانظار و ظل ذلك لغزا يستعصي على الفهم و يشغل بال الجالس على العرش
..الى ان بعثت اليه توعز برغبتها
في المثول بين يديه كامراة تطمع في عطفه و حمايته و ليس كملكة تبحث عن التاج
و هكذا اثارت بلقيس غروره الذي اسكره النصر السهل
و العرش المستسلم ..و راقه ان سليلة الملوك تسعى لنيل رضاه
و التقرب منه كبطل حرب ..فقبل ملهوفا لقاءها و وعد بالامان
بل لقد راى انه من المتاح ان يتزوجها ..فيضمن بذلك تثبيت دعائم ملكه
و هكذا التقى الخصمان
..
ذهبت بلقيس اليه في كامل زينتها ..كامراة تتاهب للعرس فبهرته
و جد امامه امراة ليست كمثل النساء
جديثها اخاذ ثقافتها واسعة و علمها غزير ..تتكلم واثقة بصوتها الرخيم
فسلبته لبه و استولت على مشاعره
و كيف لا و هي التي اعتادت مجالسة الملوك
تسللت تغزو رجولته بهدوء و قوة و يقين فما مضى الا بعض الوقت
..و كانت بلقيس قد استوحذت بالكامل على عدوها العنيد
و حين اراد عمر ان يستخلصها لنفسه ..امر حراسه بالانصراف ..و امر
بالشراب ان ياتي في الحال ..زاعما لها انه يريد ان يخلو بها كي يتنادما
دونما قريب و يصلا ما بينهما من حديث دون ان يسمعهما غريب
و علمت بلقيس انه الان في قبضتها تماما ..و تستطيع ان تفعل به ما تريد وهو نشوان و الخمر تلعب به ..
و الهوى يميل به اليها و هي تبهره بسحرها و خضوعها مقدمة له الكاس تلو الكاس
و هي تمنيه بالاحلام و الوعود و كلما هم بها تستمهله برفق و لين
و فجاة قطعت بلقيس حديثها و كسرت كاسها ثم استلت سيفها و صارت امراة اخرى
اختفى الود و الكلام المعسول ةو النظرة الهادئة و حل برود قاتل و في حزم و قوة واجهته
وقالت
انت اغتصبت العرش مني و هو حقي و ميراثي و الان هذه معركتي
لاسترداد ما هو لي
و لم تمهله سوى لحظات ..ثم انقضت عليه كوحش كاسر
كشر عن انيابه فانتزعت منه حياته و هكذا دفع حياته ثمنا لطمعه و استهانته بقدرات الملكة
لكنها ارادت ان تسدل الستار تماما في وجه من يجاول مرة اخرى ...
اغتصاب العرش ..لذا لابد لها من اخذ العهود على الامراء
و ضمان طاعتهم
كتمت بلقيس نبا موت الملك المغتصب و اخفت جثته في ركن الغرفة تحت
بعض الامتعة ثم بعثت الى حكام الاقاليم و امراء البلاد وكبار الاعيان و الوزراء
و كل من له نفوذ و قوة و كانت الرسائل موقعة مختومة بخاتم الامير عمر
فلم يتوان القوم و حضروا سريعا الى قصر المملكة
فلما اجتمعوا كلهم ..خرجت بلقيس عليهم و قد تهيات لهم و بدت في اعظم
حلل و ابهى منظر فاصابتهم الدهشة .. و كانوا قد حسبوها
قتلت او سجنت .. و لم تتركهم بلقيس لحيرتهم طويلا فخاطبتهم قائلة ..
لا تندهشوا ..فقد تم بيني و بين الملك صلح مشروط و هو الذي اشار علي ان اخبركم ذلك بنفسي
قبل ان يلقاكم قهل تريدون لن تعرفوا التفاصيل ؟
فردوا عليها جميعا و قد ملكهم الفضول
نعم .....نعم..نريد ان نعرف كل شيء
فاجابتهم بلقيس
تعرفون مثلي ان الملك عمر لم ينجب ..و لن ينجب وليا للعرش
فقد حرمته الالهة من نعمة الانجاب و هكذا
فليس هناك من صلبه من يرث الملك و عليه اتفقنا ان يكون العرش خالصا له طيلة حياته ..
على ان املك عليكم بعد مماته و بهذا نحقن بيننا دماءنا ..و نحافظ على تماسك و اسنقرار المملكة
و لقد تعاهدنا على ذلك فما رايكم ؟
اجابوا جميعا بحماس
ذلك نعم الراي و ليس لنا بعده
سالتهم بلقيس
وهل تقرون بي ملكة بعد وفاة عمر و تقسمون على ذلك ؟
فلما اقسموا .اخذت عليهم العهد و المواثيق ثم قالت لهم
و الان تسمعون من الملك
ثم قادتهم الى الحجرة الملكية و هناك رفعت من فوق الملك الميت الامتعة .. و قالت
هاكم الملك عمر لقد قتلته بيدي حيث اغتصب العرش مني و اني لاقسم و حق الالهة
ان يكون هذا مصير كل من يطمع في عرشي ..ان اقضي عليه بيدي
ثم استانفت
لقد اقسمتم بالولاء لي من بعده .. فما قولكم ؟
و هنا لم يجد القوم ما يقولونه و قد عقدت الدهشة السنتهم و هم يرون الملك الذي كان ينشر الرعب
في البلاد مكوما مثخنا بالطعان
حط عليهم الصمت الا واحدا صاح قائلا
نحمد الالهة ان خلصتنا من هذا الزنديق
و كنا نحسب ان لن يقدر عليه بشر
وبعده تعالت اصواتهم ينادون بها ملكة عليهم
و هكذا اصبحت بلقيس ملكة
كانت معركتها لاسترداد العرش هي الاولى ..