الأطرش بن محمد بن عبد القادر بن أحمد شهيدة ويرجع في نسبه إلى الفرع الإدريسي
(من خلال إدريس الأزهر(الأصغر )باني فاس ابن الإمام إدريس الأكبر أول ملوك الأدارسة.
وكانت السنوسية دعوة من الدعوات الصالحات التي أعادت للمسلمين في إفريقيا والصحراء الكبرى مكانتها التاريخية حيث كانت طريقة تمتاز بوضوح مناهجها في الدعوة والإصلاح، حيث دعت إلى إحياء الدين الإسلامي ومحاربة الجمود ونبذ البدع ومؤسسها أصيل محلة الواسطة على ضفتي وادي شلف وأسرته من قبيلة مجاهر التي ينضوي تحتها ما يزيد عن سبعين ألف نفس ولا تزال مستغانم مقرًّا لهذه الأسرة، وقد أسس ابن السنوسي الحركة المنسوبة إلى جده السنوسي.
**السنوسية النشأة والمسار الفكري والتاريخي**
أسس محمد بن علي بن السنوسي حركته على تقوى من الله، فقد ولد ببوقيرات بضواحي مستغانم سنة 1202هـ/1787م في أسرة شريفة ينتهي نسبها إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما وأرضاهما، وينتهي إلى قبيلة بني سنوس التابعة لمقاطعة تلمسان، وإليها نسب، كما نسب إليها طريقته الإصلاحية، تخرج في مدرسة مازونة الشهيرة، ودرس بفاس ومصر ومكة المكرمة بعد هجرته من الجزائر أثناء الحصار العسكري والاقتصادي الفرنسي للجزائر حوالي عام 1824م
نال ابن السنوسي حظًّا وافرًا من التربية والتعليم عن طريق عمته فاطمة المرأة الشريفة العالمة التي كانت تجيز العلماء بما تملك من مرويات عالية السند في الفقه والحديث وعلوم القرآن الكريم، وكان عمدته في التصوف أبو العباس أحمد بن إدريس، وإليه ينتسب أيضًا.
وقبل هجرته إلى المشرق كما كان يفعل علماء السلف من أهل المغرب الإسلامي، عاد إلى مستغانم وتزوج من إحدى بنات عمومته ثم نشب بينه وبين أقاربه الأدنين خلاف حول أملاكه واحتكم للقضاء فحكم له بالأملاك والريع وبالسجن لأقاربه فتنازل عن الريع وطلب إخلاء سبيلهم فكان له ذلك، ثم إنه بعد أن صفَّى أملاكه انتقل إلى عرب أولاد نايل وأسس زاوية بمسعد وتزوج من كريمة من كريمات القبيلة، ومارس الوعظ والإرشاد والتعليم مدة ثم غادر أولاد نايل في طريقه إلى مصر.
غادر ابن السنوسي مسعد والجزائر عامة بعد أن طلق زوجته التي رفضت الانتقال معه لمشقة الطريق ولصعوبة المهمة التي ينوي القيام بها الداعية المصلح فولدت له ولدًا توفي وهو صغير ثم ماتت أمه بعد ذلك في حياة زوجها ابن السنوسي، ودخل ابن السنوسي تونس وقابس وجامع الزيتونة واستفاد من شيوخها وأفاد طلاب العلم بالتدريس والوعظ ثم واصل سيره ودخل طرابلس الغرب وكان ذلك في حكم يوسف القرمانلي الذي كان مستقلا عن الدولة العثمانية، فأكرم نزوله ومكث في مدينة طرابلس مدة ثم انتقل إلى القاهرة وبقي بها مدة ثم غادرها إلى الحجاز.
نزل ابن السنوسي مكة حوالي 1242هـ/1827م،وكانت لهذه الرحالة مكانة كبرى في حياته العلمية والسياسية والإصلاحية حيث ساعدته جملة من العوامل:
1. استطاع محمد بن علي السنوسي الحصول على أنباء عظيمة الفائدة عن حال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
2. أُتيحت له فرصة عظيمة للاحتكاك بالعلماء في مكة وتبادل معهم الآراء حول التغيير والإصلاح مما نفعه في حياته المستقبلية.
3. كانت مكة منبرًا للدعوة ولذلك اشتغل السنوسي بنشر العلوم وتحصيلها والمناظرة فيها، واجتهد في دراسة المذاهب الإسلامية حتى حذق مخاطبة جميع العالم الإسلامي.
4. أتيحت له دراية بحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن قرب وعاشر أتباع الدعوة السلفية ومريديها وتتلمذ على علمائها وشيوخها ودرس الحركة السلفية التي أقامها الشيخ دراسة واعية في مواقفها السياسية واجتهاداتها العملية.
ولا يعرف قيمة المصلح والعالم إلا بقيمة التحصيل والنباهة والإدراك الذي شكل شخصيته وكان علماء مكة الذين تخرج على أيديهم بعد علماء مازونة ومستغانم نذكر جملة من الشيوخ الذين كان لهم الأثر الطيب في تكوينه وتأهيله للتغيير والإصلاح وهم:
· أحمد بن إدريس من أفضل شيوخ محمد بن علي السنوسي الكبير، وقد تأثر به تأثرًا كبيرًا وقد أخذ عنه عددًا من الطرق الصوفية ودرس عليه الحديث والسنة، وابن إدريس من مواليد 1173هـ بميسورة وأصله من المغرب الأقصى،ولما دخل سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود الحجاز عام 1221هـ/1806م لم يتعرضوا للشيخ العالم أحمد بن إدريس بأذى وقد وٌصف ابن إدريس بأنه ذو ميول سلفية.
· أحمد الدجاني: أخذ عنه محمد بن علي السنوسي عددًا من الأوراد الخاصة بالطرق الصوفية.
· أبوحفص عمر بن عبد الرسول العطار.
· أبو سليمان عبد الحفيظ العجمي مفتي مكة وقاضيها.
وتظافرت جملة من الأسباب أدت إلى مغادرة محمد بن علي السنوسي مكة فتوجه أولا إلى" صبيا العسير" وهي من أملاك الحركة السلفية الوهابية ثم قرر الرحيل إلى الغرب والجزائر تحديدًا وهذه الأسباب والعوامل هي:
1. وفاة أستاذه أحمد بن إدريس الذي كان يرعاه ويقدر علمه ومكانته في ذلك العصر كما ساعده في تلقين الناس الأوراد ودعوتهم إلى الخير.
2. عداوة شيوخ مكة له نظرًا لأفكاره الجديدة التي يبثها بين أتباعه وهي دعوة تقلق الشيوخ التقليديين والحكومة العثمانية لاتهامه بأنه داعية من دعاة السلفية الوهابية.
3. ذكر عبد القادر بن علي أحد الباحثين في الشؤون السنوسية رغبة محمد بن علي السنوسي الكبير في العودة إلى الجزائر للجهاد في سبيل الله وهو صاحب القول المشهور وهو يودع الحاج محي الدين وابنه الشاب عبد القادر الذي سيكون له الدور المحوري في جهاد الغزاة الفرنسيين بالجزائر منذ عام 1832م:"إن الدين الإسلامي يحتم على كل مسلم أن يدافع عنه بقدر استطاعته ويحرم على المسلمين الاستسلام للعدو الغاصب المعتدي والمنتهك لحرمات الدين الإسلامي والمعطل لأحكام الله، وإني استوصيك بولدنا عبد القادر هذا خيرًا فإنه ممن يذود عن حرمات الإسلام ويرفع راية الجهاد".
4. فكر محمد بن علي السنوسي في الانتقال بالدعوة إلى مكان آمن يستطيع فيه نشر أفكاره بعيدًا عن أعين الرقباء والعيون الساهرة على النوم العام(الاستعمار).
**استقرار محمد بن علي السنوسي بليبيا وتأسيس زوايا المعرفة والعلم**
استقر محمد بن علي السنوسي في ليبيا الشمالية مدة سنتين أسس فيها الزاوية البيضاء المشهورة وهي الزاوية الأم في إفريقيا كلها وكان ابن السنوسي قبل هذا على اتصال بجهاد الجزائريين حتى وفاته عام 1859م وواصل من بعده أتباعه مساعدة جهاد الجزائريين في ورقلة والغرب الجزائري كما هو مسجل في وثائق العصر.
وبعد سنتين من استقراره في برقة والجبل الأخضر عند حلفائه العواقير(قبيلة عربية ليبية) وانتقل إلى مكان يسمى ماسة وتقدم من ماسة إلى محل يسمى دنقلة حيث مكان الزاوية البيضاء بالقرب من ضريح الصحابي الجليل رويفع بن ثابت الأنصاري t وقد شرع الإخوان السنوسيون في تأسيسها قبل مجيء ابن السنوسي.